حماية الأطفال من مخاطر وسائل الإعلام الحديثة
نتعرف على أراء الخبراء والمتخصصين في قضية حماية الأطفال من مخاطر وسائل الإعلام الحديثة وخاصة الانترنت، التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، عرضنا الإحصائيات والأرقام التي تؤكد أن الأطفال يقضون حوالي من 7 إلى 10 ساعات يوميا أمام وسائل الإعلام الحديثة، ويتعرضون إلى خطر التعرض للصور الإباحية والاستغلال الجنسي، أرقام مخيفة ومستقبل غامض وآثار سلبية كثيرة، وعلى سبيل المثال ذكرت إذاعة مونت كارلو أن دراسة حديثة قامت بها شركة “سيمانتك للأمن المعلوماتي” أكدت على أن المواضيع الإباحية والجنس تأتي بالدرجة الرابعة من المواضيع التي تحظى اهتمام الأطفال ما دون السابعة من العمر على شبكة الانترنت، هكذا أفادت الدراسة “أطفال دون السابعة”، بات الأمر خطيراً بالفعل على مستوى العالم .. كلها قضايا مهمة أثارها مؤتمر الأسرة والإعلام العربي الذي عُقد مؤخرا في الدوحة بمبادرة من معهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية والتنمية وبالتعاون مع المجلس العربي للطفولة والتنمية، وعدد آخر من الشركاء، وفي السطور التالية، نتناول أراء المتخصصين فيما بذلته الدول العربية لمواجهة تعرض الأطفال لخطر الانترنت والمواد الإباحية في البث الفضائي، والحلول المقترحة، والدور الذي يمكن أن تقوم به الأسرة لحماية أطفالها من الانترنت، وكيفية إعداد واختيار البرامج التي يشاهدها الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة.
أظهرت دراسة بريطانية حديثة أن بداية استخدام الأطفال للانترنت يكون لإجراء البحوث وإنجاز الواجبات المدرسية اليومية، ولكن سرعان ما يصبح ذلك الهدف أمراً ثانوياً؛ حيث ينخرطون في الأنشطة الاجتماعية وتبادل المحادثات مع الأصدقاء والتعارف، ومشاهدة الأفلام وتحميل الأغاني، وغيرها، وأظهرت الدراسة أن ثلث الأطفال ـ عينة الدراسة ـ عبروا صراحة أن الكمبيوتر هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن الاستغناء عنه أبداً في حياتهم. وأشارت الدراسة أن استخدام الأطفال للانترنت داخل المدارس يكون منخفضا نتيجة القيود المفروضة التي تمنعهم من الوصول إلى المواد غير المناسبة لهم.
معايير إلزامية لبرامج الأطفال في استراليا
أشارت الأستاذة مريم الخاطر نائب مدير مركز الدوحة لحرية الإعلام، أن محتوى البرامج الإسترالية وبرامج الأطفال على وجه التحديد التي تُعرض على قنوات التليفزيون التجارية، يتم تنظيمها من خلال معايير إلزامية تحددها الهيئة الاسترالية للاتصالات ووسائل الإعلام بعد استشارة المختصين والجمهور، علماً بأن هذه الهيئة تتيح للجمهور إمكانية تقديم شكاوى من الجمهور.
الدول العربية خالية من أي تنظيم لمحتوى البث الإعلامي
وعلى الصعيد الآخر، نجد أن الدول العربية كما تصف الخاطر خالية من أي تنظيم لمحتوى البث الإعلامي فيما عدا مدونات أخلاقيات المهنة التي تلتزم بها كل مؤسسة إعلامية داخلياً وفي نطاقها المحلي، وبالطبع تُعد تلك المدونات غير ملزمة على الصعيد الإقليمي والدولي. وأضافت أن الدول العربية ـ باستثناء دولة قطر ـ تبنت مؤخراً الميثاق العربي للقنوات الفضائية الذي طُرح في فبراير 2008، ولكنه يركز على الحقوق السياسية ويفرض العديد من القيود والرقابة على ما تنشره المحطات الفضائية من أخبار أو حوارات أو أحداث حية سياسية فقط، في حين يغفل الجوانب الاجتماعية والمواد الإعلامية المخلة بالهوية والقيم والأخلاق والآداب العامة. ودعت إلى أهمية وضع نظام موحد في الدول العربي لتنظيم محتوى البث الإعلامي السمعي والبصري والتكنولوجي “الانترنت”.
قانون مكافحة جرائم الإنترنت في الإمارات
لا يوجد لدى معظم الدول العربية أيضا تشريعات أو نصوص قانونية تجرم استغلال الأطفال في المواد الإباحية أو الجرائم عبر شبكة الانترنت، حيث تتسم النصوص الحالية بأنها نصوص عامة لتجريم المواد الإباحية وغير الإخلاقية، غير أن دولة الإمارات تُعد الدولة الوحيدة في دول مجلس التعاون الخليجي التي لديها قانون خاص بمكافحة جرائم تقنية المعلومات صدر عام 2006، حيث يتضمن في بنوده عقوبات خاصة بالحبس والغرامة أيضا في حالة استغلال الأطفال دون الثامنة عشر من العمر أو إغرائهم لارتكاب الدعارة أو الفجور باستخدم شبكة الانترنت.
مناهج تعليمية لمقاومة غسيل المخ
ركزت العديد من الدراسات الحديثة حول أهمية تعليم الأطفال أنفسهم الآثار الإيجابية والسلبية من جراء استخدام الانترنت، وللأسف كثير من الأطفال لا يدركون معنى الرسائل التي يتلقونها في وسائل الإعلام الحديثة من خلال التليفزيون والانترنت أو الأفلام، واقترح الدكتور ريتشارد ويلكنز مدير معهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية والتنمية أن يتم وضع مناهج تعليمية خاصة بذلك ليتم نشرها في المدارس لمساعدة الأطفال على فهم مخاطر التعرض لغسيل المخ على شبكة الانترنت، والرسائل التي يتم استقبالها بصورة مفاجئة، وما تحمله من صور إباحية، مضيفاً أنه يجب على المتخصصين وضع رسائل إعلامية إيجابية لأن الكثير من وقت الأطفال يمضي من دون إشراف أو توجيه أو مراقبة، وبالتالي يكون من الأفضل لهم مشاهدة برامج جيدة ومناسبة، بعيداً عن الأعمال الأخرى السيئة. كما دعى “ويلكنز” إلى تشجيع الأطفال على انتاج الرسائل الإعلامية الإيجابية بأنفسهم من خلال ورش العمل والأنشطة، وحثهم على نقلها إلى الأطفال الآخرين عبر اليوتيوب وغيرها من الوسائط المستخدمة على الانترنت.
اقتراح مثير للجدل
أكد “ويلكنز” على عدم فاعلية الاعتماد على برامج فلتر الآمان في حماية الأطفال من التعرض للمواد الإباحية على شبكة الانترنت، وكذلك فشلت الدول في إصدار قوانين تمنع نشر المواد الإباحية على شبكة الانترنت بسبب معارضة المحكمة العليا الأمريكية في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، ولذلك اقترح أن تتبنى الدول العربية أسلوب آخر معروف باسم “Zoning” قابل للتنفيذ من الناحية التقنية والقانونية، ويشبه هذا الأسلوب الجديد تقسيم الأراضي والمناطق، والمقصود بالنسبة لوسائل الإعلام والانترنت أن يتم تحديد المواد الإباحية والعنيفة وتصنيفها وتجميعها في منافذ معينة على شبكة الانترنت ports، وبالتالي ستكون بقية المنافذ نظيفة وخالية من أي مواد غير مناسبة للأطفال، وبالمثل بالنسبة للتليفزيون والقنوات الفضائية، يتم أيضا تحديد عدد معين من القنوات التي تحمل تلك المواد الإباحية، وتكون بقية القنوات خالية من أي منها، وهذا بالطبع ليس سهلاً ويتطلب جهود من الدول لكي تعمل معا لتحديد تلك المنافذ والقنوات، وعليها أيضا أن تقوم بإصدار تشريعات رادعة تجرم من يضع أي مواد مخالفة لما تم الاتفاق عليه في الأماكن غير المحددة لها، مع إجراء متابعة ورقابة عالية للتأكد من ذلك. ويضيف “ويلكنز” أن هذا الاقتراح أو الحل ـ من وجهه نظره ـ سوف يفلح ويأتي بثماره؛ لأنه على خلاف الفلتر أو الغلق، لا يمنع البالغين من الوصول إلى المواد الإباحية، غير أنه سيكون في الوقت نفسه نظام فعال بالنسبة للآباء والأمهات الذي يمكنهم ببساطة رفض دخول أجهزة الأطفال إلى منافذ الانترنت التي تحتوى على المواد الإباحية الضارة بالأطفال، وكذلك يمكنهم عدم الاشتراك في القنوات التليفزيونية والفضائية التي تعرض تلك المواد، وحذفها من استخدامهم في الأساس. ويدعو “ويلكنز” الدول العربية على وجه التحديد إلى التفكير بجدية في التكاتف لاتخاذ مثل هذا الإجراء؛ خاصة أن حماية أطفال المنطقة من أخطار الانترنت لن تأتي أبداً من الغرب، وعلى المنطقة العربية أن تقود هذا التوجه وتبادر بوضع حلول مبتكرة إذا رغبت بالفعل في القيام بذلك، موضحاً في الوقت ذاته، أن تطبيق هذا الاقتراح ـ الذي يبدو معقداً ـ يحتاج إلى جهد كبير، ولكنه في النهاية ـ كما يصفه ـ ليس مستحيلاً. ولكن هل يمكن بالفعل من الناحية التقنية تطبيق هذا الاقتراح؟ وهل يمكن قبول إتاحة تلك المواد الإباحية للبالغين في مجتمعاتنا العربية، التي ربما تؤدي إلى انتشار الفساد بين البالغين؛ لأنها بالقطع تتعارض مع قيم وأخلاقيات مجتمعاتنا العربية؟!
مشروع عربي للتربية الأسرية
يرى الدكتور عبد الله الحمود الأستاذ المشارك بقسم الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمملكة العربية السعودية، أنه لابد من وضع مشروع عربي مشترك للتربية الأسرية على وسائل الإعلام الحديثة، ويشمل ذلك الآباء والأمهات والأبناء والمعلمين في المدارس، كما يجب أن تقوم كل المؤسسات المعنية بشئون الطفل بتطوير قدراتها الإعلامية، ويتعين على الإعلاميين أنفسهم إدراك حقيقة أنهم يتحملون مسئولية اجتماعية لتوعية الأسرة العربية وتعريفها بأدوارها وحقوقها وواجباتها، ولذلك يجب الابتعاد عن التسرع والسطحية في التغطيات الإعلامية لقضايا الأسرة والطفولة.
مراكز للأطفال المبدعين
أما الدكتور ربيعة الكواري رئيس مجلس هيئة التدريس وأستاذ الإعلام المساعد بجامعة قطر، فيرى أن حل هذه الإشكالية يتلخص في تسخير رأس المال العربي لإنشاء قنوات فضائية للطفل، على غرار قناة الجزيرة للأطفال التي جاء إنشاؤها لتنفيذ توصيات المنتدى الإعلامي الخليجي الذي عُقد في قطر عام 2002، مع الحرص على إقامة مؤتمرات ومنتديات بصورة منتظمة لمناقشة قضية تأثير وسائل الإعلام الحديثة على الأطفال، وشدد على أهمية إنشاء مراكز لرعاية الأطفال المبدعين وتنمية قدراتهم، وإكسابهم مهارات جديدة. واقترح أيضا إنشاء مكتبات إلكترونية متنقلة في الأحياء الشعبية لزيادة الوعي بين أطفال تلك المناطق وتعريفهم بوسائل الإعلام الحديثة.
احترس من إدمان الأطفال للانترنت
يحذر الأستاذ عصام على الخبير في حقوق الطفل من خطر تعرض الأطفال لإدمان الانترنت؛ فعندما تتزايد ساعات تواجدهم أمام شاشة الكمبيوتر ومواقع الانترنت، يزداد احتمال وقوعهم في براثن دائرة إدمان الانترنت، وهو يرتبط في البداية لدى الأطفال والشباب باستغراق وقت طويل أمام ألعاب الكمبيوتر، الأمر الذي يؤدي إلى التوقف عن أداء أي نشاطات أخرى مثل الدراسة أو ممارسة الرياضة أو لقاء الأصدقاء. وأضاف أن الأطفال قد يتعرضون أيضا إلى الاحتيال عبر الانترنت، لأنهم يكونوا مستهدفين من قبل المحتالين لصغر سنهم وعدم خبرتهم بشأن نوعية المعلومات التي قد يشكل تداولها خطراً عليهم أو على الآخرين، حيث يمكن أن يؤدي تسريب معلومات حول الأسرة أو الطفل إلى التعرض للسرقة أو الاختطاف أو التهديد أو الابتزاز.
الانترنت وعنصر المجهول
وتعلق الدكتورة رنا الصيرفي مديرة مركز كن حراً في البحرين، أن أكثر ما يعجب الأفراد في التواصل عبر شبكة الانترنت هو عنصر المجهول؛ فالأطفال يمكنهم التواصل مع أي أحد عبر الانترنت بغض النظر عن أي جوانب أخرى قد تؤثر على التواصل الواقعي، وهو ما يضفي شعورا بالحرية والانطلاق على العلاقات الناشئة عبر الانترنت، وكثيرا ما نقرأ تقارير عن أحاديث راقية ومواضيع ناضجة تدور بين بالغين وأشخاص آخرين عبر الانترنت، يظنهم البالغون كبارا ثم يكتشفون بعد ذلك أنهم مجرد أطفال أو مراهقين. وتوضح الصيرفي أن هناك علاقة وثيقة تنشأ مع شخص غريب، والحديث الذي يدور بين الغرباء على الانترنت قد يكون كله صحيحا أو كله وهميا زائفا، وعندما تحين لحظة الثقة وقرار اتخاذ الخطوة التالية نحو معرفة هذا الصديق المجهول يكمن الخطر الأكبر؛ فالأطفال والكبار على حد سواء يجب أن يتوقفوا هنا ويميّزوا بين الحقيقة والوهم ويعترفوا بالخطر الكامن في الكشف عن شخصياتهم الحقيقية أو الاتصال المباشر بالطرف الآخر سواء عبر البريد الالكتروني أو الهاتف أو اللقاء المباشر. وإذا كان للكبار حرية اتخاذ قرارهم بهذا الشأن، كما يقع على عاتقهم نتائج هذا القرار، فإن الأطفال ليس لهم حرية اتخاذ مثل هذا القرار ولا ينبغي تركها لهم بأي حال من الأحوال.
برامج خاصة لرياض الأطفال
وحول كيفية إعداد برامج التليفزيون التي يشاهدها أطفال مرحلة رياض الأطفال، التي تُعد من أهم مراحل تكوين النمو البدني واللغوي والعقلي والاجتماعي والمعرفي بالنسبة للأطفال، ترى الدكتورة ليلى كرم الدين أستاذ علم النفس ورئيس لجنة قطاع الطفولة ورياض الأطفال بالمجلس الأعلى للجامعات المصرية، أن هناك مجموعة من الأسس التي يجب أن تتوافر في البرامج التي يشاهدها أطفال هذه المرحلة المهمة، مشيرة إلى أهمية دور اللعب كأحد الوسائل الفعالة لتحقيق تعلم الأطفال وتنميتهم في السن الصغيرة، ولذلك لابد من الحرص عند اختيار برامج التليفزيون للأطفال أن تكون برامج تدخل البهجة على قلوبهم وتعمل على تثقيفهم من خلال اللعب والمرح والفكاهة بعيداً عن الوعظ المباشر، وكذلك لابد أن تكون ألوانها مبهجة ومختلفة ولها أشكال جاذبة، وتصدر أصواتا محببة لاستشارة مختلف حواس الأطفال.
برامج تليفزيونية تنمي حب الاستطلاع
تضيف الدكتورة ليلى كرم الدين أنه بقدر المستطاع يُنصح أن يكون للطفل دور في البرنامج من خلال ممارسة الأنشطة الحركية، أو حث الطفل على الاكتشاف والنشاط الحر والتجريب لتنمية عقله ومعارفه، وأن تنمي تلك البرامج حب الاستطلاع الفطري الطبيعي لدى الأطفال؛ لتدفعهم لاكتشاف البيئة من حولهم، مع الابتعاد عن البرامج التي تساعد على زيادة العدوانية للطفل وإفراطه في النشاط، ويكون من المناسب أيضا تصوير البرامج في المناطق الخارجية التي تساعد الطفل مع اكتشاف البيئة المحيطة به وزيادة خبراته، مع الاهتمام بقضايا وموضوعات الأطفال في المناطق المهمشة والمناطق الريفية، إضافة إلى أهمية أن تقوم برامج الأطفال بإعداد وتهيئة الأطفال للتعامل مع تكنولوجيا العصر والتقنيات الحديثة، وأن يتم تقديمها بلغة عربية مفهومة.
شاهد برامج التليفزيون مع أطفالك
أوضحت دراسات كثيرة أن الأطفال يقبلون على مشاهدة برامج الكبار بصورة أكبر من البرامج المخصصة للأطفال، ولضمان استفادة الأطفال من البرامج التي يشاهدونها، تنصح الدكتورة ليلى كرم الدين الأسرة بمشاركة الأطفال عند مشاهدة التليفزيون، سواء عند مشاهدة برامج الأطفال أو برامج البالغين، وذلك للرد على استفساراتهم وتوضيح بعض الأمور التي قد يصعب عليهم فهمها، وكذلك للتعليق على الجوانب السلبية التي قد تُعرض و الألفاظ الخارجة التي قد تٌستخدم.
قرارات منع الأطفال عن مشاهدة برامج بعينييها مرفوضة
كثيرا ما تصدر الأسرة أوامر وقرارات لأطفالها بالامتناع عن مشاهدة برامج معينة، ولكن خبراء التربية يعتقدون أن ذلك التصرف خاطىء من قبل الأباء والأمهات، لأن فلسفة الحماية التي يجسدها هذا التصرف من الأسرة لا يمكن تنفيذها بصورة ناجحة خاصة مع تقدم الأطفال في العمر، الذين يعتبرون هذه الحماية نوعاً من العقاب أو الحرمان، وبالطبع يمكن مشاهدة البرامج الممنوعة في حالة عدم وجود الأطفال في المنزل، أو عندما يكونوا بصحبة الأصدقاء. وفي هذا الصدد ترى الدكتورة ليلى أنه يجب على الأسرة اتخاذ وسائل بديلة عن مجرد المنع، فيمكنها على سبيل المثال تقديم بدائل جاذبة للأطفال في أوقات عرض تلك البرامج مثل تبادل الزيارات الأسرية والذهاب إلى النوادي أو الحدائق أو دور السينما أو مسرح العرائس أو السيرك، وفي حالة تعذر ذلك، يمكن أن تقوم الأسرة بتخصيص ذلك الوقت في مشاركة الأطفال في الإطلاع على بعض الكتب المصورة أو المجلات المحببة إليهم، أو رواية القصص، أو الانخراط مع الأطفال في الأنشطة الأخرى المحببة إليهم مثل الرسم أو الموسيقى.
قانون لمنع الإعلانات التجارية في برامج الأطفال
في محاولة لمنع الآثار السلبية للاعلانات التليفزيونية، تنصح الدكتورة ليلى الأسرة بالعمل على ترشيد مشاهدة الأطفال للاعلانات التليفزيونية قدر الإمكان، حيث أنها تحمل العديد من الأضرار بالنسبة للأطفال، منها تشجيعهم على تناول الوجبات السريعة والأطعمية غير الصحية، وبناء عادات غذائية غير سليمة، وربما تؤدي إلى الإصابة بالسمنة وأحيانا تعاطي الكحول والمواد المخدرة في فترة المراهقة، وأشارت إلى إصدار الحكومة السويدية لقانون يمنع تقديم الإعلانات التجارية قبل وعقب الفترة التي تُذاع فيها برامج الأطفال، وأضافت الحكومة السويدية لهذا القانون تعديلا يقضي بمنع الاعلانات التجارية حتى الساعة التاسعة مساءاً خلال أيام الأسبوع وختى العاشرة مساء خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأيدت عدد من الدول الأوربية هذا القانون منها النرويج وفنلندا واليونان والبرتغال وبريطانيا والدانمارك.
نصائح مفيدة
وفي ختام الحديث حول هذه القضية المهمة التي لابد أن تحتل أولوية لدى كل الآباء والأمهات الذين لم يعد بوسعهم سوى العمل على حماية أطفالهم بشتى الطرق من أشياء حديثة لم تكن موجودة في السابق، مثل الانترنت ووسائل الإعلام الحديثة، وكذلك كما يتفق الباحثون والخبراء في هذا المجال، لا يمكن الاستغناء عنها أو حرمان الأطفال من التعامل معها لأنها بالفعل لها دور كبير في تنمية مهارتهم وقدراتهم الإبداعية بما يمكنهم من التعامل بكفاءة مع المستقبل، نقدم بإيجاز عدد من الإرشادات والنصائح المفيدة التي قدمتها البحوث والدراسات في هذا المجال لحماية الأطفال عند استخدام الانترنت، ويتضمن الكتيب الاسترشادي للطلاب والطالبات ـ الذي أعده معهد الدوحة الدولي للدراسات الأسرية والتنمية والمجلس العربي للطفولة والتنمية، وقام بتحريره الخبير الحقوقي عصام على ـ عدداً كبيراً منها:
ـ توعية الأطفال والمراهقين بضرورة عدم الكشف عن المعلومات الشخصية لأي شخص على شبكة الانترنت أو تبادلها معهم، مثل الاسم أو العنوان أو رقم الهاتف، وبيان المخاطر التي يمكن أن تترتب على ذلك.
ـ إقناع الأطفال بإحاطة أولياء أمورهم بأي محاولة للتهديد أو الإزعاج يتعرضون لها على شبكة الانترنت، سواء في غرف الدردشة أو عبر البريد الإلكتروني، وبالطبع هذا يحتاج إلى خلق جسور من التواصل بين الأطفال وأولياء أمورهم وغرس الثقة بين الطرفين.
ـ مراقبة تصرفات الأطفال والمراهقين عند استخدام الانترنت، والعمل على وضع جهاز الكمبيوتر في مكان مكشوف بالبيت.
ـ الابتعاد عن شراء أجهزة كمبيوتر تحتوى على كاميرات، وإقناع الأطفال والمراهقين بعدم جدوى شراء كاميرات منفصلة، وإطلاعهم بأن هناك طرق كثيرة يمكن أن يستخدمها المجرمون لتشغيل هذه الكاميرات دون علم الطفل أو المراهق، والتي يمكن أن تكشف عن صورهم أو صور بعض أفراد عائلتهم.
ـ توعية الأطفال والمراهقين بأهمية إلغاء أي صور شخصية من أجهزة الكمبيوتر، وخصوصاً صور الفتيات وأفراد الأسرة، وأهمية حفظها على وسائط التخزين الخارجية.
ـ الحذر من مقابلة أي شخص تم التعرف عليه من خلال شبكة الانترنت، وفي حالة الاضطرار إلى ذلك لابد من وجود شخص بالغ مع الطفل لتفادي إصابته بأي أذى أو الوقوع ضحية أي عمل إجرامي.
ـ متابعة ما يصل للطفل من رسائل على البريد الإلكتروني بشكل مستمر، ومن الأفضل أن يكون البريد الإلكتروني للطفل أو المراهق مشترك مع الأب أو الأم، ولا يجب أن يُترك للطفل أبداًً حرية الإطلاع على الرسائل الإلكترونية بمفرده، وكذلك من الأفضل عدم الاشتراك في المجموعات البريدية.